حققت بلادنا قفزة نوعية في السنة الأخيرة بعد تحيين الترسانة القانونية المتعلقة بأراضي الجموع .و قد شكل صدور القانون 17-62 المتعلق بالوصاية الإدارية على الجماعات السلالية و تدبير أملاكها تحديثا جوهريا لتدابير قانونية عمرت نحو مئة سنة من مسار أراضي الجموع بالمملكة. غير أن المرسوم رقم 2.19.973 الصادر عن وزارة الداخلية بتاريخ 9 يناير 2020 المتعلق بتطبيق أحكام القانون62.17 أحدث لذا ذوي الحقوق رجة كبرى و امتعاضا لا يقاس خصوصا لذا الأشخاص الذين كانوا مسجلين من طرف نوابهم السلاليين ضمن لوائح ذوي الحقوق و سبق لهم الاستفادة من عائدات أملاك الجماعة ثم أسقطوا من اللوائح المعدة مؤخرا لانعدام شرط الإقامة لذيهم بتراب الجماعة المعنية. إن تحديث هذه اللوائح من طرف النواب و حث السلطات المحلية لهم على ضرورة التقيد بالشروط الجديدة من شأنه حرمان ملايين المواطنين من حقوقهم المكتسبة شرعيا و تاريخيا ضمن ذوي الحقوق للجماعات السلالية التي ينتمون لها خصوصا أن هذا التوجه أو الشرط المستجد للإقامة بتراب الجماعة السلالية من شأنه إحداث شرخ في المجتمع و الأسر السلالية و مس بالعدالة المجتمعية نتيجة : 1- حرمان مئات الآلاف من النساء من حقوقهن بفعل زواجهن خارج تراب جماعتهن الأصلية 2- حرمان آلاف الشباب (ذكورا و نساء) من حقوقهم بفعل الانتقال المؤقت للدراسة أو العمل بعيدا عن "الدوار". 3- حرمان آلاف المواطنين من حقوقهم بفعل انتقالهم للعمل خارج تراب جماعتهم (التجارة أو غيره بالمدن البعيدة) لأن فرص تحقيق دخل لأسرهم متعذرة داخل تراب جماعتهم، و هنا أضرب مثالا فقط للمناطق الغير فلاحية و النائية، علما أن أسرهم مستمرة في العيش بتراب الجماعة . 4- حرمان آلاف المهاجرين المغاربة من حقوقهم المكتسبة داخل المملكة ضمن جماعاتهم الأصلية بفعل إقامتهم خارج الوطن مما ينذر بقطع أو إضعاف روابط المودة بين المهاجر و بلده في الوقت الذي تحرص بلادنا على السماح للمهاجرين من أبناء الوطن بالمشاركة في العمليات الانتخابية بوطنهم. لقد آثرت التركيز هنا على بعض الأمثلة لأشخاص لم يفقدوا الصلة بجماعتهم حيث ظلت أسرهم بعين المكان أو يتوفرون على إقامة أو منافع بها و يزورون جماعتهم بانتظام و يقاسمون أهلها أفراحها و أحزانها و يساهمون ماديا في كل ما تشترك و تتعاون فيه جماعتهم (مصاريف المسجد-الفقيه- مساهمة في مشروع جماعي....). إن من شأن الإقصاء الذي تحدثت عنه أن يحدث شرخا عميقا بين منتسببي الجماعة الواحدة بل بين أفراد الأسرة الواحدة، و كمثال صارخ على ذلك يمكن أن نتساءل أية عدالة و مساواة في حقوق السلالييات مثلا حين تحتفظ امرأة متزوجة داخل نفس الجماعة بحقوقها بينما تفقد أختها المتزوجة بعيدا عن تراب الجماعة كافة حقوقها في الجماعة؟ إن هذا التوجه الحديث الذي يجري تنزيله بعدة مناطق يشكل تراجعا خطيرا عن المكتسبات التي أحرزتها المرأة السلالية في العهد الحديث لصاحب الجلالة و التي حققت لبلدنا صدا طيبا على الصعيد العالمي توجته ابنة الرئيس الأمريكي سنة 2019 بإشرافها على إعطاء انطلاقة مشاريع نوعية لفائدة المرأة السلالية بإقليم سيدي قاسم. من جهة أخرى فإن من شأن التشبت بشرط الإقامة بتراب الجماعة للتسجيل في لوائح ذوي الحقوق أن يدفع الشباب إلى الركون للعطالة بتراب الجماعة و الكف عن البحث عن فرص للشغل و التنقيب عن موارد للعيش بعيدا عن تراب جماعته أو استكمال دراسته العليا أو تكوينه بالمدن الكبرى تفاديا لإقصائه من حقه في أراضي الجموع و لو على صغر مساحتها و هو حق قد يرقى لذا الآلاف لدرجة حق وجداني يصعب التخلي عنه. من هذا المنطلق نسائلكم السيد الوزير المحترم : • كيف تنوي الوزارة، بصفتها الوصية على الجماعات السلالية و المهتمة بحسن تدبير أملاك الجموع، تدارك نواقص المرسوم رقم 2.19.973