لا جدال في أن حكومتكم تعترف وتتفق معنا في أن الفشل الكارثي هو العنوان الأبرز للبرنامج الحكومي للتشغيل الذاتي "مقاولتي"؛ الذي أطلقته حكومة إدريس جطو سنة 2006 بهدف توفير حوالي 90 ألف منصب شغل، عبر إنشاء 30 ألف مقاولة صغرى، ويأتي هذا الفشل نتيجة عدة أخطاء وتراكمات، ليتضح جليا في عدد المقاولات المحدثة في هذا الإطار والذي لم يتعد 2050 مقاولة إلى حدود سنة 2017. إلا أن ما يدفعنا، في فريق الأصالة والمعاصرة، إلى طرح هذا الموضوع هو الآثار والتداعيات الخطيرة لفشل هذا البرنامج على آلاف الأسر، بسبب وضعية الشباب المستفيدين منه في مواجهة الدعاوى القضائية للأبناك التي قدمت لهم القروض لإنشاء المقاولات. ولعل ما حصل قبل أيام للشاب الذي تم اعتقاله من قلْب البرلمان، ونقل إلى بني ملال حيثُ أُودع السجن، ليجبر وهو في حالة عسر على دفع ثمن فشل مشروعه لتربية النحل في بلدته نواحي بني ملال، بعد أن وجد نفسه متابعا قضائيا من قبل بنك بسب قرض وقف عاجزا عن تسديده. قصة هذا الشاب هي مجرد مثال على ما ينتظر جميع المستفيدين من برنامج مقاولتي الذين فشلت مشاريعهم، حيث أنهم يعيشون تحت تهديد مستمر وخطر محدق بهم من كل الجهات، بسبب عجزهم وعدم قدرتهم على تسديد القروض التي أخذوها من الأبناك، خاصة وأن هذه الأخيرة لم تتأخر في رفع دعاوى قضائية ضدّهم، رغم أن الأجدر بها أولا هو متابعة الجهة الضامنة وهي الحكومة. أما الشباب فهم في حالة عسر وأوضاعهم المالية والاجتماعية لا تسمح لهم بالتسديد، وهو مايعني أن مصيرهم هو الزج بهم في السجون، وهو ما لن تستفيد منه لا الأبناك ولا الدولة إلا بمزيد من التفكك الاجتماعي لهذه الفئة وتعميق مشاكلها. ولعل تجلياتها واضحة في تصدع الاستقرار الاجتماعي والصحي والنفسي، كما حصل مع أحد المستفيدين من أكادير الذي فضل وضعَ حدّ لحياته بالانتحار. نحن نرى، في فريق الأصالة والمعاصرة، أنه يجب على الحكومة تحمل مسؤوليتها في هذا الملف؛ الذي تتعدى تداعياته الجانب المالي إلى ما هو أمني و اجتماعي، لذلك يجب تسوية وضعية هذه الشريحة المستضعفة من شبابنا إسوة بالمستفيدين من برنامج المقاولين الشباب الذين تم إدراج إعفائهم من القروض في مشروع قانون المالية 2019. وبناء عليه، فإننا نطالبكم بالعمل على تعميم نفس الأمر على المستفيدين من برنامج مقاولتي في مشروع قانون المالية المقبل. وفي انتظار ذلك يبقى وقف المتابعات القضائية المرتبطة بهذا الملف أمرا تقتضيه أولوية اجتماعية ملحة.