بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
السيد رئيس لجنة المالية والتنمية الاقتصادية
السيد ممثل مجموعة البنك الدولي
السيد ممثل مؤسسة وستمنستر للديمقراطية
السيد ممثل وزارة الاقتصاد والمالية
السيدات والسادة النواب
حضرات السيدات والسادة
اسمحوا لي بداية ان ارحب بكم جميعا في هذا اللقاء الدراسي الذي يهدف إلى إغناء مرجعياتنا وتصوراتنا ورؤانا في مجال نعتبر أنه له راهنية كبيرة لتطوير العمل البرلماني وتأهيل الممارسات الديمقراطية ببلادنا ، موضوع يتصل بشكل مباشر بدور البرلمان في تعزيز الحكامة المالية.
وأود بهذه المناسبة أن أحيي شركائنا في مجموعة البنك الدولي ومؤسسة ويستمنستر للديمقراطية على تعاونهم البناء ومساهمتهم القيمة في تنظيم هذا اليوم الدراسي ، هذه الخطوة التي نعتبرها محطة إضافية في تطوير أوجه التعاون والشراكة القائمة بيننا.
ومن المؤكد أن هذا اليوم الدراسي سيشكل فضاء لتبادل التجارب والخبرات مع الاطلاع على الممارسات الدولية الناجحة في هذا الشأن.
حضرات السيدات والسادة
كما لايخفى عليكم فإن موضوع العمل البرلماني في علاقته مع المالية العامة ليس موضوعا جديدا لا على مستوى التفكير ولا على مستوى الممارسة ، إذ ان العديد من الدراسات والأبحاث القانونية تؤكد أن الحاجة الى مراقبة تدبير المالية العمومية من قبل ممثلي الشعوب كان وراء ميلاد العديد من برلمانات في سائر أنحاء العالم، بل ووراء نشأة العمل البرلماني منذ بداياته الأولى في أوروبا.
ومن هنا بدأ هذا التوجه يتبلور ويتطور وينمو، وأضحت المؤسسات البرلمانية تجتهد وتطور آليات مراقبة المالية العامة، وذلك ارتباطا مع طبيعة الأنظمة البرلمانية وخصوصية النسق السياسي والدستوري لدى كل بلد.
صحيح أن المؤسسات البرلمانية حاليا أصبحت تتوفر على العديد من الاختصاصات في المجالات التشريعية والرقابية وتقييم السياسات العمومية، لكن تظل مراقبة المالية العمومية أحد الوظائف الكبرى التي تظطلع بها المؤسسات البرلمانية على الصعيد الدولي، التي تشد إهتمام السلطات العمومية كما تشكل موضوعا للتتبع من طرف المواطنات والمواطنين .
الواضح أن التجربة المغربية في هذا المجال لم تبدأ من الصفر ، أو انطلقت من العدم ، إذ أن البرلمان راكم تجربة مهمة في مجال الرقابة المالية التي كانت مقننة بمجموعة من المحطات الدستورية التي عرفتها بلادنا ، وكذا بجملة من القوانين التي أطرت لسنين عديدة قراراتنا وتوجهاتنا ، وقد اصبحت هذه الممارسة جزءا لا يتجزأ من تاريخنا البرلماني المعاصر ، و هي تتطور اليوم وتنمو بفضل الإصلاحات الدستورية والسياسية التي حققها المغرب في الفترة الأخيرة ، والتي تجسد إرادة صادقة لتعميق مبادئ الحكامة المالية ، وربط المسؤولية بالمحاسبة ، وتأمين شفافية العمل الحكومي وتتبع ومراقبة وتقييم اختيارات الحكومة وتوجهاتها واستراتيجيتها الوطنية والقطاعية ، ومدى انسجامها مع تطلعاتها المواطنات والمواطنين وحاجياتهم.
إننا في مجلس النواب لمقتنعون أن تقوية العمل البرلماني والرقي بالمممارسات الديمقراطية الفضلى رهين في جوانب كثيرة بتقوية المؤسسة البرلمانية في ميدان مراقبة المالية العمومية خصوصا وأن الممارسة البرلمانية على الصعيد الدولي لم تعد مقتصرة على المراقبة القبلية للقوانين المالية على اهميتها ، بل تتعداها الى كل مراحلها بدءا من الاعداد والمناقشة الى التتبع وتقييم الاداء.
وكما أكدت على ذلك في مناسبات سابقة فإن القانون التنظيمي لقانون المالية ليس مجرد وثيقة مؤطرة لارقام وحسابات ومعطيات تقنية، لأن قانون المالية يعبر في عمقه ودلالاته على توجهات الدولة واختياراتها الكبرى ، كما يعتبر أيضا وسيلة لتنزيل السياسات الوطنية ، وضمان التنمية الشاملة والمستديمة.
ولذلك، جاء اصلاح القانون التنظيمي للمالية كأحد الاوراش الهيكلية التي انكب عليها البرلمان خلال هذه الولاية التشريعية حيث كانت بيننا وبين الحكومة مشاورات واسعة ومسترسلة من أجل الوصول إلى أرضية قانونية متقدمة تأخذ بعين الاعتبار التجارب الدولية الناجحة والممارسات الفضلى مع مراعاة طبيعة نظامنا البرلماني والسياسي ، وخصوصية قواعدنا الدستورية.
وقد تجسدت هذه الارادة القوية في بلورة نظام مالي حديث يتجاوز الاصلاحات السابقة، متطلعا الى تأسيس مرحلة جديدة في المراقبة المالية ، وتقوية التدبير العمومي ، وتكريس التوازن بين السلط ، ومواكبة الاوراش الهيكلية الكبرى التي تعرفها بلادنا ونموذجها التنموي الواعد.
وفي هذا الصدد، أريد الوقوف عند أحد المحاور الرئيسية لهذا الإصلاح والمتعلق بتعزيز دور البرلمان في تكريس الشفافية والحكامة والنجاعة المالية ومدى تحقيقها للأهداف المرجوة، ولا سيما وأننا مقبلون خلال السنة المقبلة بالشروع في التنزيل التدريجي لمقتضياته ومضامينه، وهو ما يتطلب منا تخطيطا استرتيجيا وبرنامج عمل للرفع من قدرات البرلمان وتأهيل هياكله وآلياته حتى نكون في مستوى تفعيل أحكام النظام المالي الجديد.
لا شك أن هذا الورش الواعد يحتاج الى دعم ومساندة ومواكبة أصدقائنا وشركائنا سواء في مجموعة البنك الدولي أو في مؤسسة ويستمنستر للديمقراطية ، وهي مناسبة للتنويه بالبرامج المشتركة التي تم تنظيمها لتحقيق هذه الغاية ، وما انعقاد هذا اليوم الدارسي الى جانب التظاهرات التي سبق للمجلس أن نظمها في هذا الشأن إلا دليل على عمق رؤيتنا لهذا الموضوع وتفاعلنا الايجابي مع مستجداته.
وفي الاخير أجدد الشكر والتقدير للحاضرين معنا، كما أحيي كذلك ضيوفنا الاجلاء الذين نعبر عن تطلعنا الكبير للاستفادة من خبرتهم وتجارب بلدانهم والاطلاع على باقي الممارسات الفضلى ، والتي ستكون لنا خير معين لاثراء تجربتنا البرلمانية وتوسيع تراكماتها في هذا المجال، املا أن يتحقق هذا المراد ، وأن تكلل اشغال هذا اليوم الدراسي بالنجاح والتوفيق.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.